كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



156- ثم قال تعالى: {ومتعوهن على الموسع قدره} وهو الغني وعلى المقتر قدره وهو الفقير قال سعيد ابن جبير ومجاهد والضحاك وهذا معنى قولهم في المطلقة قبل الدخول بها ولم يفرض لها صداق لها المتعة واجبة وقال شريح لا يقضى عليه لأنه قال حقا على المحسنين.
157- ثم قال تعالى: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم} فقال قوم لها المتعة مع ذلك كما روي عن علي ابن أبى طالب رضي الله عنه والحسن وسعيد ابن جبير: لكل مطلقة متعه وقال آخرون لا متعة لها روي ذلك عن عبد الله بن عمرو وسعيد بن المسيب وعطاء والشعبي.
158- ثم قال تعالى: {إلا أن يعفون} قال الزهري والضحاك المرأة إذا طلقت تدع النصف الذي جعل لها.
159- ثم قال تعالى: {أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح} حدثنا محمد ابن إدريس بن اسود قال حدثنا ابر أهيم بن مرزوق قال حدثنا عبيد الله بن عبد المجيد قال حدثنا جرير وهو ابن حازم قال حدثنا عيسى ابن عاصم عن شريح قال سألني علي بن أبي طالب عن الذي بيده عقدة النكاح قال قلت هو الولي قال لا بل الزوج وكذلك قال جبير بن مطعم وسعيد بن جبير ورواه قتادة عن سعيد بن المسيب وقال ابن عباس وعلقمة وإبراهيم هو الولي يعنون الأب خاصة.
قال أبو جعفر حديث علي إنما رواه عن شريح عيسى بن عاصم ورواه الجلة عن شريح من قوله منهم الشعبي وابن سيرين والنخعي.
واصح ما روي فيه عن صحابي قول ابن عباس قرئ على عبد الله بن احمد بن عبد السلام عن أبى الأزهر احمد بن الأزهر قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا ابن جريج قال اخبرني عمرو ابن دينار قال سمعت عكرمة يقول قال ابن عباس أن الله رضي العفو وأمر به فان عفت فذلك وإن عفا وليها الذي بيده عقدة النكاح وضنت جاز وإن أبت.
قال أبو جعفر والذي يدل عليه سياق الكلام واللغة أنه الولي وهو الذي يجوز أن يعقد النكاح على المرأة بغير أمرها كما قال ولا تعزموا عقدة النكاح وإنما بيد الزوج أن يطلق فان قيل بيده عقدة نكاح نفسه فذا لا يناسب الكلام الأول وقد جرى ذكر الزوج في قوله وقد فرضتم لهن فريضة فلو كان للزوج لقيل أو تعفوا وهذا أشبه بسياق الكلام.
وان كان يجوز تحويل المخاطبة إلى الأخبار عن غائب فأما اللغة فتوجب إذا أعطي الصداق كاملا أن لا يقال له عاف ولكن يقال له واهب لأن العفو إنما هو ترك الشيء وإذهابه ومنه عفت الديار والعافية دروس البلاء وذهابه ومنه عفا الله عنك.
160- ثم قال جل وعز: {وأن تعفوا أقرب للتقوى} قيل يعنى به الأزواج وقيل يعنى به الذي بيده عقدة النكاح والنساء جميعا هذا قول ابن عباس وهو حسن لأنه يقل وإن تعفون فيكون للنساء وإن يعفو فيكون للذي بيده عقدة النكاح.
161- وقوله عز وجل: {حافظوا على الصلوات} قال مسروق على وقتها والصلاة الوسطى روى جابر بن زيد ومجاهد وأبو رجاء عن ابن عباس قال هي صلاة الصبح وكذا روى عنه عكرمة إلا أنه زاد عنه يصلي بين سواد الليل وبياض النهار.
وقيل لأنها بين صلاتين من صلاة الليل وصلاتين من صلاة النهار وروى قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن ابن زيد بن ثابت قال هي الظهر وفيها قول ثالث هو أولاها حدثنا محمد بن جعفر ألا نباري قال حدثنا حاجب بن سليمان قال حدثنا محمد بن مصعب قال حدثنا أبو جزء عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله جل وعز: {حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى} هي صلاة العصر وروى عبدة ويحيى بن الجزار وزر عن علي ابن أبى طالب رضوان الله عليه قال قاتلنا الأحزاب فشغلونا عن العصر حتى كربت الشمس أن تغيب فقال رسول الله صلى الله عليه اللهم ابلاء قلوب الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى نارا وإملاء بيوتهم نارا وإملاء قبورهم نارا قال زر قال علي كنا نرى إنها صلاة الفجر.
وقيل لها الوسطى لأنها بين صلاتين من صلاة الليل وصلاتين من صلاة النهار.
162- ثم قال تعالى: {وقوموا لله قانتين} قال ابن عباس والشعبي القنوت الطاعة وقال مجاهد القنوت السكوت قال أبو جعفر وهذان القولان يرجعان إلى شيء واحد لأن السكوت في الصلاة طاعة وحدثنا محمد بن جعفر ألا نباري قال حدثنا عبد الله بن يحيى قال حدثنا يحيى اخبرنا يعلى هو ابن عتبة قال حدتنا إسماعيل بن أبى خالد عن الحارث بن شبيل عن أبى عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال كنا نتكلم في الصلاة فيكلم أحدنا صاحبه فيما بينه وبينه حتى نزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت وقيل هو القنوت في الصبح وهو طول القيام وروى الجعفي عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد يعني الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل حرف في القرآن من القنوت فهو الطاعة.
163- ثم قال تعالى: {فان خفتم فرجالا أو ركبانا} روى أبو مالك عن ابن عباس أما رجالا فعلى ارجلكم إذا قاتلتم يصلي الرجل يومي براسه اينما توجه وقال مجاهد وكيف قدر.
164- وقوله جل وعز: {والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول غير اخراج} روى حبيب بن الشهيد عن ابن أبى ملكية عن ابن الزبير قال قلت لعثمان الآية التي في البقرة والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم لم اثبتها وقد نسختها الآية الآخرى قال يا ابن اخي لا أغير شيئا عن مكانه وروى حميد عن نافع عن زينب بنت أم سلمة كانت المرأة إذا توفي زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا حتى تمر سنة ثم تعطى بعرة فترمي بها فانزل الله عز وجل: {والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول} يعني لنسائهم وكان للمرأة أن تسكن في بيت زوجها سنة وإن شائت خرجت فاعتدة من في بيت أهلها أو سكنت في وصيتها إلى الحول ثم نسخ بأربعة أشهر وعشر وروى يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس في قوله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول فنسخ ذلك بآية الميراث بما فرض الله من الربع والثمن ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشر.
وفي حديث الفريعة فقال النبي صلى الله عليه وسلم امكثي في منزلك حتى يبلغ الكتاب اجله.
165- ثم قال تعالى: {كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون} أي لعلكم تتجنبون في ما ليس بمستقيم كان العاقل الذي يعقل نفسه عما ليس بمستقيم.
166- ثم قال تعالى: {الم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم الوف حذر الموت} قال ابن عباس كانوا أربعة الاف خرجوا فرارا من الطاعون وقالوا ناتي ارضا ليس بها موت فأماتهم الله فمر بهم نبي ودعا الله فاحياهم بن وقيل أنهم ماتوا ثمانية ايام قال الحسن اماتهم الله قبل آجالهم عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم وقال الضحاك خرجوا فرارا من الجهاد فأماتهم الله ثم أحياهم ثم أمرهم أن يرجعوا إلى الجهاد.
وذلك قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم} قال أبو جعفر وفي رواية ابن جريج وهم الوف أنهم أربعون الفا وهذا اشبه لأن الوفا للكثير وآلافا للقليل وإن كان يجوز في كل واحد منهما ما جاز في الاخر واما قول ابن زيد الوف مؤتلفة قلوبهم فليس بمعروف والقياس في جمع ألف أألف كأفلس إلا أنهم يشبهون فعلا بفعل فيما كان في أوله ألف أو واو نحو وقت واوقات وكذلك الياء نحو يوم وايام وقد قيل أألف.
167- ثم قال جل وعز: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} أصل القرض ما يفعل ليجازى عليه كما قال:
وإذا اجزيت هذه قرضا فاجزه ** إنما يجزي الفتى غير الجمل

168- ثم قال تعالى: {والله يقبض ويبسط} أي يقتر ويوسع وقيل يسلب قوما ما انعم به عليهم ويوسع على اخرين وقيل يقبض الصدقات ويخلفها بالثواب أو في الدنيا.
169- وقوله جل وعز: {ألم تر إلى الملإ من بني إسرائيل من بعد موسى} قال مجاهد هم الذين قال الله فيهم {الم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم}.
قال الضحاك سنة واما قوله {ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله} فذلك حين رفعت التوراة واستخرج الإيمان وسلط على بني اسرائيل عدوهم فبعث طالوت ملكا فقالوا انى يكون له الملك علينا لأن الملك كان في سبط بعينه لا يكون في غيره ولم يكن طالوت منه فلذلك وقع الانكار.
170- وقوله عز وجل: {أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم} حدثنا أحمد بن محمد بن نافع قال حدثنا عبد الرزاق قال اخبرنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبى الاحوص عن علي قال السكينة لها وجه كوجه الانسان وهي بعد ريح هفافة وروى خالد ابن عرعرة عن علي قال ارسل الله السكينة إلى ابراهيم وهي ريح خجوج لها راس.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال السكينة دابة قدر الهر لها عينان لهما شعاع فإذا التقى الجمعان اخرجت يدها ونظرت إليهم فينهزم الجيش من ذلك الرعب وقال الضحاك السكينة الرحمة والبقية القتال وروي عن ابن عباس السكينة طست من ذهب الجنة كانت تغسل فيها قلوب الانبياء وروى إسماعيل بن أبى خالد عن أبى صالح وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون قال عصا موسى وثياب هارون ولوحان من التوراة.
وقال أبو مالك السكينة طست من ذهب القى فيها موسى الالواح والتوراة وعصاه والبقية رضاضة الالواح التي كتب فيها التوراة وقرئ على عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن أبى الازهر عن روح بن عبادة قال حدثنا محمد بن عبد الملك عن ابيه قال قال مجاهد اما السكينة فما تعرفون من الايات التي تسكنون إليها قال والبقية العلم والتوراة وقال أبو جعفر وهذا القول من أحسنها وأجمعها لأن السكينة في اللغة فعيلة من السكون أي آية يسكنون إليها.
وبين معنى تحمله الملائكه أنه روي أن جالوت وأصحابه كان التابوت عندهم فا بتلاهم عمرو الله بالناسور قبل فعلموا أنه من أجل التابوت فحملوه على ثور فساقته الملائكة فهذا مثل قولهم: حملت متاعي إلى موضع كذا.
171- ثم قال تعالى: {إن في ذلك لآية لكم أن كنتم مؤمنين} أي إن في رد التابوت بعد أن اخذه عدوكم لآية لكم أن كنتم مصدقين.
172- وقوله جل وعز: {إن الله مبتليكم بنهر} معناه مختبركم والفائدة في ذلك أن يعلم من يقاتل ممن لا يقاتل قال عكرمة وقتادة هو نهر بين الاردن وفلسطين.
وقال قتادة كان الكفار يشربون فلا يرون وكان المسلمون يغترفون غرفة فيجزئهم ذلك قال أبو جعفر الغرفة في اللغة ملء الكف أو المغرفة والغرفة الفعلة الواحدة ومعنى فإنه مني فإنه من اصحابي وحكى سيبويه أنت مني فرسخين.
173- ثم قال تعالى: {فشربوا منه إلا قليلا منهم} روى أبو اسحاق عن البراء كنا نتحدث أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر كانوا ثلاث مائة وبضعة عشر على عدة أصحاب طالوت ممن جاز معه النهر يوم جالوت وما جاز معه إلا مؤمن فلما جازوه يعني النهر وراوا كثرة أصحاب جالوت وقلتهم قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله أي يوقنون وقيل يتوهمون أنهم يقتلون في هذه الواقعة لقلتهم والفئة الفرقة من فأوت رأسه وفاأيته يحيى فهزموهم أي كسروهم وردوهم يقال سقاء مهزوم إذا كان منثنيا الرحمن جافا.
174- وقوله جل وعز: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض} روى ابن أبي نجيج عن مجاهد قال يقول لولا دفع الله بالمؤمنين الفجار ودفعه بتقية أخلاق الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض بهلاك اهلها قال أبو جعفر وهذا الذي عليه أكثر أهل التفسير أي لولا أن الله يدفع بمن يصلي عن من لا يصلي وبمن يتقي عن من لا يتقي لأهلك الناس بذنوبهم وقيل لولا أن الله أمر بحرب الكفار لعم الكفر فأهلك جميع الناس وذا راجع إلى الاول وقيل لولا أن الله أمر بحرب الكفار لكان افسادهم على المسلمين أكثر ويقرأ ولولا دفاع الله.
حكى أبو حاتم أن العرب تقول أحسن الله عنك الدفاع والمدافعة مثل ناولتك الشيء.
175- ثم قال تعالى: {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله}.
قال مجاهد يقول كلم موسى.
176- ثم قال جل وعز: {ورفع بعضهم درجات} قال مجاهد أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة.
177- ثم قال تعالى: {وآتينا عيسى ابن مريم اليبنات} أي الحجج الواضحة وأيدناه أي قويناه بروح القدس قال الضحاك جبريل صلى الله عليه وسلم.
178- ثم قال تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات} فيه قولان أحدهما أن المعنى لو شاء الله ما أمرنا بالقتال بعد وضوح الحجة واظهار البراهين.
وقيل لو شاء الله أن يضطرهم إلى الإيمان لفعل كما قال ولو شاء الله لجمعهم على الهدى.
179- وقوله جل وعز: {يا آيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن ياتي يوم لا بيع فيه ولا خلة} قوله: {أنفقوا} تصدقوا والخلة الصدقة.
180- وقوله جل وعز: {الله لا إله إلا هو} أي لا اله للخلق إلا هو الحي القيوم أي القائم بخلقه المدبر لهم وروي عن ابن عباس القيوم الذي لا يزول.
وقرأ عمر بن الخطاب رحمة الله عليه القيام وقرأ علقمة الحي القيم قال ابن كيسان القيوم فيعول من القيام وليس بفعول لأنه ليس في الكلام فعول من ذوات الواو ولو كان ذلك لقيل قووم والقيام فيعال اصله القيوام وأصل القيوم القيووم واصل القيم في قول البصرين القيوم وقال الكوفيون الاصل القويم قال ابن كيسان ولو كان كذا في الاصل لم يجز فيه التغير كما لا يجوز في طويل وسويق.
181- وقوله جل وعز: {لا تأخذه سنة ولا نوم} قال الحسن وقتادة نعسة.
وأنشد أهل اللغة:
وسنان اقصده النعاس فرنقت ** في عينه سنة وليس بنائم

والمعنى لا يفصل عن تدبير أمر الخلق قال تعالى: {من ذا الذي يشفع عنده إلا باذنه} لما قالوا الاصنام شفعاؤنا عند الله فأعلم الله أن المؤمنين إنما يصلون على الانبياء ويدعون للمؤمنين كما أمروا وأذن لهم.
182- ثم قال تعالى: {يعلم ما بين ايديهم} أي ما تقدمهم من الغيب {وما خلفهم} ما يكون بعدهم {ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} لا يعلمون من ذلك شيئا إلا ما اراد أن يطلعهم عليه أو يبلغه أنبياؤه تثبيتا لنبوتهم.
183- ثم قال تعالى: {وسع كرسيه السموات والأرض} وحكى يعقوب الحضرمي وسع كرسيه السموات والأرض ابتداء وخبر وروى سفيان وهشيم عن مطرف عن جعفر عن أبى المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله وسع كرسيه السموات والأرض قال علمه إلا ترى إلى قوله ولا يئوده حفظهما وقد استشهد لهذا القول ببيت لايعرف وهو ولا يكرسئ روى علم الله مخلوق أي لا يعلم علم الله مخلوق وهو أيضا لحن لأن الكرسي غير مهمور ولم وقيل كرسيه قدرته التي يمسك بها السموات والأرض كما تقول اجعل لهذا الحائط كرسيا أي ما يعمده وهذا قريب من قول ابن عباس وقال أبو هريرة الكرسي بين يدي العرش وفي الحديث ما السموات والأرض في جوف الكرسي إلا كحلقة في ارض فلاة والله جل وعز أعلم بما اراد غير أن الكرسي في اللغة الشيء الذي يعتمد عليه وقد ثبت ولزم بعضه بعضا ومنه الكراسة والكرسي ما تلبد بعضه على بعض وقال الحسن الكرسي هو العرش ومال محمد ابن جرير إلى قول ابن عباس وزعم أنه يدل على صحته ظاهر القرآن وذلك قوله عز وجل: {ولا يئوده حفظهما} وقال جل وعز إخبارا {ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما} فأخبر أن علمه وسع كل شيء وكذا وسع كرسيه السموات والأرض والضمير الذي في حفظهما للسموات والأرض.
184- ثم قال تعالى: {ولا يئوده حفظهما} قال الحسن وقتادة لا يثقل عليه قال أبو اسحاق فجائز أن تكون الهاء لله عز وجل وجائز أن تكون للكرسي وإذا كانت للكرسي هو من أمر الله.
185- وقوله تعالى: {لا اكراه في الدين} حدثنا احمد بن محمد بن سلمة يعنى الطحاوي قال حدثنا ابراهيم بن مرزوق قال حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن أبى بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله لا اكراه في الدين قال كانت المرأة من الانصار لا يكاد يعيش لها ولد فتحلف لئن عاش ولد لتهودنه فلما أجليت بنو النضير إذا فيهم ناس من ابناء الانصار فقالت الانصار يا رسول الله أبناؤنا فأنزل الله لا اكراه في الدين قال سعيد ابن جبير فمن شاء لحق بهم ومن شاء دخل الاسلام قال أبو جعفر أي وأقام.
وقال الشعبي هي في أهل الكتاب خاصة لا يكرهون إذا أدوا الجزية وقال سليمان بن موسى نسخها جاهد الكفار والمنافقين وتأولها عمر على أنه لا يكره المملوك على الاسلام وقيل لا يقال لمن اسلم من أهل الحرب أسلمت مكرها لأنه إذا ثبت على الاسلام فليس بمكره.
186- وقوله جل وعز: {فمن يكفر بالطاغوت} روي عن عمر بن الخطاب أنه قال الطاغوت الشيطان والجبت السحر وقال الشعبي وعكرمة والضحاك الطاغوت الشيطان وقال الحسن الطاغوت الشياطين.
وحدثنا سعيد بن موسى بقرقيسيا قال حدثنا محمد بن مالك عن يزيد عن يزيد عن محمد بن سلمة عن خصيف قال الجبت الكاهن والطاغوت الشيطان وقال الشعبي وعكرمة والضحاك الطاغوت الشيطان وقال مجاهد في قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت} هو كعب بن الاشرف قال أبو حعفر وهذه الاقوال متقاربة وأصل الطاغوت في اللغة مأخوذ من الطغيان يؤدي عن معناه من غير اشتقاق كما قيل اللآل من اللؤلؤ قال سيبويه وأما الطاغوت فهو اسم واحد مؤنث يقع على الجمع فعلى قول سيبويه إذا جمع فعله ذهب به إلى الشياطين وإذا وحده ذهب به إلى الشيطان قال أبو جعفر ومن حسن ما قيل في الطاغوت أنه من طغى على الله وأصله طغووت مثل جبروت من طغى إذا تجاوز حده ثم تقلب اللام فتجعل عينا وتقلب العين فتجعل لاما كجبذ وجذب ثم تقلب الواو الفا لتحركها وتحرك ما قبلها فتقول طاغوت والمعنى فمن يجد ربوبية كل معبود من دون الله ويصدق بالله وأصل الجبت في اللغة الذي لا خير فيه وقال قطرب أصله الجبس وهو الثقيل الذي لاخير فيه وقال أبو عبيدة الجبت والطاغوت كل ما عبد من دون الله قال أبو جعفر وهذا غير خارج مما قلنا وخالف محمد بن يزيد سيبويه في قوله هو اسم واحد فقال الصواب عندي أنه جماعة.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد فقد استمسك بالعروة الوثقى أي الإيمان.
قال سعيد بن جبير عن ابن عباس بالعروة الوثقى لا اله إلا الله.
187- ثم قال تعالى: {لا انفصام لها} قال مجاهد أي لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم أي لا يزيل عنهم اسم الإيمان حتى يكفروا يقال فصمت الشيء أي قطعته.
188- ثم قال تعالى: {الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور} قال الضحاك الظلمات الكفر والنور الإيمان ومثل الكفر بالظلمات والإيمان بالنور قرئ على احمد بن شعيب عن محمد بن عبد الاعلى قال حدثنا المعتمر قال سمعت منصورا يحدث رجل عن عبدة ابن أبى لبابه في هذه الآية الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور إلى قوله هم فيها خالدون قال هم اناس كانوا آمنوا بعيسى فلما جاء محمد كفروا به قال وكان ناس قد كفروا بعيسى فلما جاء محمد آمنوا به فنزلت هذه الآية فيهم.
قال أبو عبد الرحمن رواه جرير عن منصور عن مجاهد فان قيل ما معنى يخرجونهم من النور إلى الظلمات ولم يكونوا في نور قط فالجواب أنه يقال رأيت فلانا خارج الدار وإن لم يكن خرج منها وأخرجته من الدار جعلته في خارجها وكذا أخرجه من النور جعله خارجا منه وإن لم يكن كان فيه وقيل هذا تمثيل لما صرفوا عنه كانوا بمنزلة من اخرج منه كما يقال لم اخرجتني من ملتك وقيل لما ولدوا على الفطرة وهي أخذ الميثاق وما فطروا عليه من معرفة الله جل وعز: {ثم كفروا} كانوا قد أخرجوا من النور قال الأخفش الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور يحكم بأنهم كذلك تقول قد أخرجكم الله من هذا الأمر ولم تكونوا فيه قط قال أبو اسحاق ليس هذا بشيء إنما هو يزيدهم بايمانهم هدى وهو وليهم في حجاجهم وهدايتهم وفي نصرهم على عدوهم ويتولى ثوابهم.
189- قوله جل وغز ألم تر إلى الذي حاج ابراهيم في ربه وهذه ألف التوقيف وفي الكلام معنى التعجب أي اعجبوا له قال ابن عباس ومجاهد هو نمروذ بن كنعان قال سفيان فدعا برجلين فقتل أحدهما واستحيا الاخر قال سفيان فبهت الذي كفر فسكت فلم يجبه بشيء وقرئ فبهت الذي كفر أي فبهت ابراهيم الذي كفر.
190- وقوله عز وجل: {أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها} روى علي بن الحكم عن الضحاك قال يقال هو عزير والقرية بيت المقدس فأماته الله مائة عام فكان أول شيء حيي منه رأسه فجعل ينظر إلى كل ما يخلق منه والى حماره قال سعيد عن قتادة وذكر لنا أنه عزير أتى على بيت المقدس بعدما خربه بختنصر قال فقال أنى تعمر هذه بعد خربها ثم قال تعالى: {فأماته الله مائة عام} ذكر لنا أنه مات ضحى وبعث قبل غيبوبة الشمس بعد مائة عام فقال لبثت يوما أو بعض يوم.
وقال كعب هو عزير قال مجاهد هو رجل من بني اسرائيل قال عن الله بن عبيد بن عمير هو أرميا وكان نبيا.
والخاوية الخالية وقال الكسائي يقال خوت خويا وخواء وخواية والعروش السقوف أي ساقطة على سقوفها قال أبو عبيدة ويقال خوت عروشها بيوتها والعروش الخيام وهي بيوت الإعراب.
قال الكسائي والفراء الكاف في قوله أو كالذي عطف على معنى الكلام أي هل رأيت كالذي حاج ابراهيم أو كالذي مر على قرية وقيل هي زائدة كما قال ليس كمثله شيء.